المرأة التي أحبت للأديب سامي محمود
المرأة التي أحبت
بقلم/ سامي محمود أحمد
جلست هدي علي أريكتها في منزل والدها القاطن في حي الزهور بالعاصمة بغداد وكان فوقها النتيحة الشهرية مكتوب فيها يوم الثلاثاء الموافق اليوم الثالث من شهر يونيو لسنة ألفين وست وإذا بجرس التليفون يرن أسرعت هدي للرد قبل أن تلاحظ أمها أو أخواتها شئ فقد كانت أمها من العائلات الأستقراطية الكبيرة وكان والدها يشغل حقيبة وزارية حساسة وهي أخت لثلاث أخوات بنات الجميع علي درجة عالية من الجمال والثقافة والتعليم وهي طالبة في السنة النهائية من كلية الطب كان المتصل هو أحمد زميلها وحبيبها وهو الذي لفت نظرها بخلقه الرفيع وأدبه العالي وثقافته المتنوعة كانت هدي تتابع قصائده التي يلقيها في جماعة الشعر والأدب بالكلية فقد كانت تحفظ كل أشعاره وأقواله وذهبت إليه تهنئه علي فوزه بجائزة أحسن شاعر كان هذا اليوم هو أول يوم وقعت عينه عليها وظل شاردا أمامها وتلعثمت الكلمات في فمه وعجز عن الكلام وسط ذهول من حوله لدرجة أن هدي أحمر وجها خجلا أمام كل المهنئين له وانسحبت بسرعة شديدة وقلبها يرقص فرحا وتقول لنفسها هل فعلا يحبني لهذه الدرجة كم أنا محظوظة أن يحبني شاعر وأديب ماأروع هؤلاء الشعراء والأدباء فهم أرقي فكرا وأنقي عاطفة وأجمل قولا وأعظم تعاملا كل ذلك دار في خيال هدي وهي ترد علي التليفون متذكرة أول يوم قابلت فيه أحمد قائلة هل هذا معقول أحمد معي قال نعم أنا أعذريني سيدتي فأنا رغم أني فارس الكلمة أملكها وأطوعها وأبني بها قصائد أشعاري أعبر بها عن قلبي وعن فكري وعن حبي وعن وطني وعن وجداني ولكني سيدتي أعجز أمام حسنك وجمالك وروحك الراقية ويعجز شعوري مع عجز كلماتي وأشعاري فردت قائلة أميري وملكي وروحي ونبض قلبي أنا الذي بك أفتخر فأنت نبض قلبي وروحي وأحلامي فرد قائلا أميرتي أنتظرك حالا أمام الكلية أسرعت هدي وأرتدت ملابسها ونادت قائلة للعاملة لو سمحتي رجاء تجهيز سيارتي البيضاء حالا أستقلت سيارتها ووجدته واقفا أمام الكلية وما أن شاهدته حتي تسارعت نبضات قلبها نزلت من سيارتها الفارهة والأنيقة لكن أحمد شعر بالخوف والرهبة حينما شاهد سيارتها الفارهة قائلا في نفسه أين أنا وأين هي أن الفارق الطبقي والإجتماعي مرتفع بيني وبينها وإذا بهدي تقول له أحمد أنا هنا مالي أراك حزينا هل لرؤيتي قال لها نعم ماذا تقول لا تفهميني خطأ أميرتي كنت أظن أنك مثلنا فأنا من أسرة بسيطة والدي رجل يعمل في مصنع بسيط ولي خمسة من الأخوة ووالدتي ربة منزل كنت أسعد رجل في العالم قبل أن أراكي وأنت تنزلي من السيارة أما الآن فأنا أشقي وأتعس رجل في العالم فحالي كحال الرجل الذي فقد عائلته وفقد معهم منزله الذي احترق وفقد أعضائه وأصيب بالعمي والعجز بعد أن بترت أرجله أنا أشد حزنا وألما وكآبة من هذا الرجل فردت قائلة له أميري وحبيبي أنا خلقت من أجلك أنت ولن أكون لغيرك ويشهد ربي علي ماأقول هنا تنفس أحمد بعمق وذهب معها إلي بيته القاطن في منطقة شعبية وتعرفت علي أسرته البسيطة ومرت الأيام مسرعة وحان سنة التخرج من كلية الطب كانت هدي قد صارحت أمها بحبها ولكن أمها ردت عليها قائلة هذا من المستحيل لن يقبل والدك ولا أخوتك ولا العائلة أحتفل أحمد وهدي بحفلة التخرج وأخبرت أحمد بعمل والدها وطبيعة أسرتها وأنها أخبرت أمها ولكنها تحاول أقناعها وهو قلبه يحترق حزنا وألما فهو بدونها كالرجل الذي فقد عقله وهو يسير في صحراء قاحلة بلا زاد او ماء كانت هدي تقول له سأخبر والدي اليوم لكن هدي ما إن رجعت إلي منزلها حتي وجدت أن أمها تنادي عليها تعالي ياهدي إن أيمن نجل صديق والدك هنا وهو يعمل سفيرا لبلدنا في روسيا جاء ليطلب يدك لنجله وما أن سمعت هدي بذلك حتي وقعت علي الأرض مغشيا عليها وسط ذهول الضيوف تم نقلها إلى أحد المستشفيات القريبة حتي جاء كبير الأطباء وأخبر الوالد أن هدي أصيبت بشلل نصفي من النوع النادر لتعرضها لصدمة عصبية قوية ظلت هدي خمس سنوات وهي في سريرها وسط دهشة والدها والذي أخبرته زوجها بموضوع أحمد والذي كان يزورها في المستشفي في سرية تامة وبتنسيق مع والدتها قرر والدها أن يذهب إلي أحمد والذي أعجب بأخلاقه ونبوغه وتفوقه قائلا له يابني سامحني أنا الذي بك أفتخر فأنت شاب عصامي ومكافح ومتعدد المواهب وما إن شاهدت أم هدي زوجها وهو ممسك بذراع أحمد وهو يدخل المستشفي حتي أخبرت هدي ودخل أحمد مع والدها قائلا لهدي سلمي علي خطيبك ياهدي مرت أيام وخرجت من المستشفي ومعها والدها وأمها وهي تستند علي أحمد وقد عادت لجمالها ورونقها الأول واستقلت السيارة مع حبيبها وعائلتها وبدأت السيارة في السير في طريق جديد وسط الحدائق الخضراء والماء الجاري
بقلم/سامي محمود أحمد سنوسي
تعليقات
إرسال تعليق